4 ملايين دولار طارت مع الريح.. والحالمون بالثراء يسقطون في الفخ
في الآونة الأخيرة تزايدت حالات وقوع الكثير من الناس في فخ عمليات النصب والاحتيال التي تتاجر بآمال الناس وأحلامهم عبر منحهم وعوداً بالثراء السريع، إلا أنه للأسف يكتشف هؤلاء متأخرين بأنهم وقعوا ضحية اختلاس مالي في عالم ليس من السهل القبض على مرتاديه من مدعي الاستثمار.
واللافت هنا بأنه ليس فقط الأفراد البسطاء ممن لا يمتلكون الخبرة في التعامل التجاري هم فقط من يقعون ضحية لمثل هذا النوع من الاحتيال، فحتى نخبة المجتمع من المتعلمين خاصةً، يكونون فريسة سهلة للاحتيال والنصب، وتبقى المشكلة حينما لا يكون لديها الوعي بما يتوجب عليها فعله أمام احتيال كهذا، في عالم افتراضي لا تتمكن من من إثبات على المحتال أكثر من مراسلات مكتوبة أو مكالمات مقتضبة عن الاتفاق، فلماذا يؤمن الكثير من أفراد المجتمع بمثل هذه التعاملات الضبابية؟ هل من أجل الثراء السريع؟ وما الذي يتوجب عليهم فعله حال وقوعهم ضحية لمثل هذا النوع من عمليات الاحتيال والنصب؟
تعرّض عدد كبير من المواطنين البحرينيين إلى عملية نصبٍ واحتيال على أيدي شبكة من المتهمين تُدار عبر منصة رقمية، برئاسة ما يُطلق عليه لقب " البروفيسور"، وقد بلغ إجمالي مبالغ تلك العمليات الاحتيالية ما مقداره 4 مليون دولار أمريكي.
وبحسب ما أوضحه عدد من الضحايا لـ «ليغاتو» فإن من كانوا يشغلون منصب الوسطاء في هذه القضية، استغلوا أحلام البسطاء في الثراء، وتحقيق الأرباح المالية السريعة، فعرضوا عليهم المشاركة في الاستثمارات الوهمية، على أن يحصلوا على أرباح مضاعفة من قيمة رأس المال في فترة قياسية.
وقال الضحايا: (وُعدنا بالثراء الفاحش، وتحقيق الأرباح السريعة في أقل من شهر، وقد وثقنا بالمصداقية في أول الأمر، ولكن سرعان ما اكتشفنا إننا وقعنا في عملية نصب عندما لم نتمكن من تحويل الأموال إلى منصة أخرى)
خلل تقني أم حيلة لإخفاء الحقيقة؟
وفي ذلك الشأن يروي «ج.ع» وهو موظف موارد بشرية، وأحد الضحايا ممّن تعرضوا للنصب والاحتيال قصته لـ «ليغاتو» قائلاً: "بدأت قصتي عندما جاءني صديق، إذ عرض عليّ الدخول معهم وأقنعني بالثراء الفاحش، وتحقيق أرباح مضاعفة في أقل من شهر، وأقتعنت بالدخول وقمت بالاستثمار بمبلغ بسيط، حتى إن حدثت الخسارة لا يكون لها كبير الأثر علي، ولكن سرعان ما أكتشفت إنها منصة وهمية عندما لم أستطع التصرف بالمبلغ وتحويله إلى منصة أخرى، وقد تم تبليغي من قِبل ما يُسمى ( البروفيسور) بإن هناك خلل تقني في الشبكة، ولكن لم يكن هناك أي خلل تقني، فقط كان يريد طمأنتنا بالطمأنينة الكاذبة لكسب الوقت ودخول ضحايا جدد".
من صديق لصديق.. توسعت دائرة الخديعة
"جميعنا كان يعرف بإنها منصة وهمية وستختفي في أي وقت"، هكذا بدأ حديثه «أ.ع»، شارحاً إلى «ليغاتو» حيثيات تعرضه للنصب: "البروفيسور عبارة عن شخصية تقوم باستدراج الناس للدخول في المنصة، وفي حال تم النجاح في اقناعهم بالدخول، يعرض عليهم الحصول على مبلغ 30 دولار على كل صديق يقومون بدعوته للدخول إلى المنصة، بالإضافة إلى الحصول على راتب شهري، وبيّن لنا إننا أمام فرصة لا تُعوض، كي يضمن أن نقوم بدعوة أصدقائنا ونساعده على الإنتشار أكثر وأكثر.
خدعة الأرباح الأولى لتجميد الثقة في الطُعم
ويضيف: "الجميع كان على دراية بإنها منصة وهمية ومصيرها إلى الزوال، ولكن ما هو معروف أيضاً إن مثل تلك المنصات لابد من الحصول على أرباح في البدء كي يضمنون ثقتنا، ولهذا حين حصل البعض منا على مبالغ مالية مُجزية، أصابه الطمع فواصل الاستثمار بمبالغ اكبر وخسر بذلك مبالغ خيالية في منصة ليس لها أي ضمان. هناك فئة قليلة فقط لم تطالها يد النصب والاحتيال لأنهم سحبوا أموالهم منذ الأشهر الأولى ولم يواصلوا حتى وقوع الخطر.
القانون موجود.. ولكن هل التزم المستثمرون به؟
التقت «ليغاتو» مع المحامي حسين عقيل الذي عقّب قائلاً: "إن مملكة البحرين زاخرة بالتشريعات التي تحد من وجود أي سلوكيات مخالفة للقانون، ولكن يبقى التساؤل هنا، هل قام المستثمر بالاستعانة بهذه التشريعات؟ وهل استعان بالحماية القانونية؟، إن مملكة البحرين تحتوي على الكثير من التشريعات الحامية للمستثمر، وطرق الاستثمارات الآمنة كثيرة، ولكن ما جرى مؤخراً وما يتكرر دائماً، إن المستثمر يتخذ طريقاً خطيراً على نفسه، ومخالفاً للتشريعات القانونية، وضارباً بعرض الحائط كل الحماية القانونية.
وأوضح: "على من تعرض لهذه العملية من النصب والاحتيال، أن يتوجه إلى أقرب محامي من أصحاب الثقة والكفاءة لأخذ المشورة ومعرفة ما هي الخطوة التالية التي عليه اتخاذها.
وأشار إلى إن عملية استرداد المبالغ ليست بالأمر المستحيل، ولكنه أمرٌ بالغ الصعوبة حالياً، إلى أن تتضح الصورة أكثر، ويُعرف إلى أن أتجهت هذه الأموال وإلى أي الأشخاص، كي نعرف وعلى من تُرفع الدعاوي.
ما بين الجشع والجهل.. طريق قصير نحو الوقوع في الفخ
وأضاف قائلاً: "إن الدافع الأول لوقوع الناس في فخ النصب والاحتيال هو الجشع، والرغبة الملحة في الوصول إلى الربح السريع بمبالغ مضاعفة خلال فترة قياسية لا تصل إلى شهر، في حين إن الاستثمارات الآمنة لا تتجاوز نسبة أرباحها 10% ولا يُسترد كامل المبلغ إلا بعد مدة زمنية تتراوح بين السبعة والعشرة أعوام. أما الدافع الثان فهو الجهل، فكثير من الناس يمتلك رأس المال ولكن لا يمتلك الوعي عن الطرق الآمنة لاستثماره، لذلك يقع في أقرب مصيدة للنصب، ولهذا نحث على ضرورة الإطلاع على طرق الاستثمارات الآمنة فبالبحرين زاخرة بالمنصات الاستثمارية الآمنة وأقرب طريق لها هي بورصة البحرين.